موضوع: باب وجوب صوم رمضان فضلها الجمعة 12 سبتمبر 2008 - 3:45
وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: صلى الله علية وسلم قال رسول الله قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما:إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه بصومه.. متفق عليه وهذا لفظ رواية البخاري.
في رواية له: (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها).
في رواية لمسلم: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف، قال الله تعالي فأنه لي وأنا اجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحه عند لقاء ربه ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك).
(وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علية وسلم قال الله عز وجل).. هو من الأحاديث القدسية
(كل عمل ابن آدم) قال الخطابي: أي له فيه حظ ومدخل وذلك لاطلاع الناس عليه، فهو يتعجل به ثوابا من الناس ويحوز به حظا من الدنيا جاها وتعظيما ونحوهما.
(إلا الصيام فإنه لي) أي خالص لي لا يطلع عليه أحد غيري ولا حظ فيه للنفس، وفيه للنفس، وفيه كسرها وتعريض البدن للنقص والصبر علي حراقة العطش ومضض الجوع.
وقال الخطابي :معناه الصوم عبادة خالصة لا يستولي عليها الرياء والسمعة، لأنه عمل بر لا يطلع عليه إلا الله، وهذا كما روى نية المؤمن خير من عمله وذلك لأن القلب فلا يطلع عليها غير الله تعالي : أي عن النية المنفردة عن العمل خير من عمل خال من النية كما في {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي ألف شهر ليس فيها ليلة قدر.
وقيل معناه: أن الاستغناء عن الطعام والشراب من صفات الله تعالي، فإنه يطعم ولا يطعم، فكأنه قال: الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي، وأن كانت صفات الله تعالي لا يشبهها شئ.
(وأنا أجزي به) معناه: مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب، لأن تولي الكريم للعطاء يدل علي سعته.
(والصيام جنة) بضم الجيم:أي ترس:أي فيكون مانعا من النار أومن المعاصي كما يمنع الترس من إصابة السهم، لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة.
(فإذا كان) أي وجد.
(يوم صوم أحدكم فلا يرفث) أي لا يتكلم بالكلام الفاحش.
(ولا يصخب) أي لا يكثر لغطه.
(فإن سابه أحد) أي سبه.
(أو قاتله) أي نازعه أو خاصمه.
(فليقل) بقلبه لينزجر.
(إني صائم) وقيل بلسانه لينزجر خصمه عنه.
(والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته أتي به للتأكيد.
(فم الصائم) هو مجاز عن تقريب الصوم منه تعالي لأنه جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله تعالي: أي انه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم: أي أنه يقرب عليه تعالي أكثر من تقرب المسك إليكم وقيل المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك.
(إذا أفطر فرح) أي لإتمام الصوم وخلوه من المفسدات.
(وإذا لقي ربه بصومه) أي بلقاء ربه أو برؤية ثوابه.
(يترك طعامه وشرابه وشهوته) من الجماع ومقدماته.
(الصيام لي) أي لم يتعبد به لأحد غيري وأن كانت العبادات كلها لله تعالي، وكان الكفار يعظمون معبوداتهم بسجود وصدقة أما بالصيام فلا.
(وأنا أجزي به) أي أتولي جزاءه وذلك دال علي شرفه وعظم جزائه.
(والحسنة بعشر أمثالها) هو أقل مراتب التضعيف ويؤيده قوله : {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.. وقد تضاعف إلى سبعمائة ضعف.
وعنه أن رسول الله صلى الله علية وسلم قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة).
قال أبوبكر رضى الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما علي من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها؟
قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم.. متفق عليه.
(وعنه) أي أبي هريرة رضى الله عنه.
(صلى الله علية وسلم أن رسول الله قال: من أنفق زوجين) في بعض طرق الحديث.
(قيل وما زوجان؟ قال: فرسان أو عجلان أو بعيران) وقال ابن عرفة:كل شئ قرن بصاحبه فهو زوج وقيل يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين أو شفع صدقة بأخرى، ويدل عليه قوله في بقية الحديث (فمن كان من أهل الصلاة- ومن كان من أهل الصيام).
(في سبيل الله) هو عام في جميع وجوه الخير، وقيل خاص بالجهاد والأول أصح وأظهر.
(نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير) قيل هو أسم: أي ثواب وغبطه، وقيل أفعل تفضيل: أي هذا فيما نعتقد خير لك من غيره من الأبواب لكثره ثوابه ونعيمه فتعال فأدخل منه.
(فمن كان من أهل الصلاة) أي بأن أكثر من التطوع منها بحيث كان الغالب عليه في عمله ذلك، وليس المراد الوجبات لاستواء الناس فيها.
(ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان) سمي به علي جهة مقابلة العطشان الذي هو الصائم، وإشارة علي أنه يجازي علي عطشه الري الدائم في الجنة التي يدخل إليها من هذا الباب.
(ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة) بقي من أركان الإسلام الحج، ولا شك أن له بابا وأما الثلاثة الباقية من الثمانية فمنها باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، روي أحمد بن حنبل عن الحسن مرسلا.
(إن لله بابا في الجنة لا يدخله إلا من عفا عمن ظلمه) ومنها الباب الأيمن وهو باب المتوكلين الذي يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب، وأما الثالث فلعله باب الذكر ويحتمل أن يكون باب العلم، ويحتمل أن يراد بالأبواب التي يدعي منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية لأن الأعمال الصالحة أكثر عددا من ثمانية.
(رضى الله عنه قال أبوبكر بأبي أنت وأمي) أي مفدى بهما.
(يا رسول الله ما علي من دعي من تلك الأبواب) أي من أحدهما.
(من ضرورة) أي نقص ولا خسارة.
(فهل يدعي أحد من تلك الأبواب كلها) فيه إشعار بقله من يدعي من كلها ودعاء من تجتمع له تلك الأعمال من كلها تشريف له.وإلا فإنما يدخل من باب واحد، ولعله باب العمل الذي يكون أغلب عليه.
(قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم) قال العلماء: الرجاء من الله تعالي ومن نبيه.
وعن سهل بن سعد رضى الله عنه صلى الله علية وسلم عن النبي قال (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل أحد غيرهم، يقال:أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه أحد).. متفق عليه.
(وعن سهل بن سعد رضى الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم قال) قال ابن المنير: أتي بـ(في) دون اللام إشارة إلي أن في الباب من نعيم والراحة ما في الجنة فيكون ابلغ في التشويق.
(بابا يقال له الريان) وهو مناسب لجزاء الصائمين كما تقدم .واكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه.
(يدخل منه الصائمون) لبيان الواقع إذ دخولها إنما يكون يومئذ، ويحتمل أن يكون احترازا عن دخول أرواح الشهداء والمؤمنين لها مدة هذا العالم فلا يتقيد بالصائمين.
(لا يدخل منه أحد غيرهم) أي في ذلك اليوم.
وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله علية وسلم ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا).. متفق عليه.
(يصوم يوما في سبيل الله) قيل المراد به الجهاد للكفار، وقيل المراد به طاعة الله.
(عن النار سبعين خريفا) أي مدة سير سبعين سنة، وكني عنها بالخريف لأنه الطف فصولها لما فيه من اعتدال البرودة والحرارة، ولأنه يجري فيه الماء في الأغصان.